عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ: کَیْفَ کَانَ وِلَادَةُ فَاطِمَةَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ إِنَّ خَدِیجَةَ لَمَّا تَزَوَّجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ هَجَرَتْهَا نِسْوَةُ مَکَّةَ فَکُنَّ لَا یَدْخُلْنَ عَلَیْهَا وَ لَا یُسَلِّمْنَ عَلَیْهَا وَ لَا یَتْرُکْنَ امْرَأَةً تَدْخُلُ عَلَیْهَا فَاسْتَوْحَشَتْ خَدِیجَةُ لِذَلِکَ وَ کَانَ جَزَعُهَا وَ غَمُّهَا حَذَراً عَلَیْهِ.
فَلَمَّا حَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ کَانَتْ فَاطِمَةُ تُحَدِّثُهَا مِنْ بَطْنِهَا وَ تُصَبِّرُهَا وَ کَانَتْ تَکْتُمُ ذَلِکَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ یَوْماً فَسَمِعَ خَدِیجَةَ تُحَدِّثُ فَاطِمَةَ فَقَالَ لَهَا: یَا خَدِیجَةُ مَنْ تُحَدِّثِینَ؟
قَالَت: الْجَنِینُ الَّذِی فِی بَطْنِی یُحَدِّثُنِی وَ یُؤْنِسُنِی.
قَالَ: یَا خَدِیجَةُ هَذَا جَبْرَئِیلُ یُخْبِرُنِی [یُبَشِّرُنِی] أَنَّهَا أُنْثَى وَ أَنَّهَا النَسِمَةُ [النَّسْلَةُ] الطَّاهِرَةُ الْمَیْمُونَةُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى سَیَجْعَلُ نَسْلِی مِنْهَا وَ سَیَجْعَلُ مِنْ نَسْلِهَا أَئِمَّةً وَ یَجْعَلُهُمْ خُلَفَاءَهُ فِی أَرْضِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ وَحْیِهِ.
فَلَمْ تَزَلْ خَدِیجَةُ عَلَى ذَلِکَ إِلَى أَنْ حَضَرَتْ وِلَادَتُهَا فَوَجَّهَتْ إِلَى نِسَاءِ قُرَیْشٍ وَ بَنِی هَاشِمٍ أَنْ تَعَالَیْنَ لِتَلِینَ مِنِّی مَا تَلِی النِّسَاءُ مِنَ النِّسَاءِ فَأَرْسَلْنَ إِلَیْهَا أَنْتِ عَصَیْتِنَا وَ لَمْ تَقْبَلِی قَوْلَنَا وَ تَزَوَّجْتِ مُحَمَّداً یَتِیمَ أَبِی طَالِبٍ فَقِیراً لَا مَالَ لَهُ فَلَسْنَا نَجِیءُ وَ لَا نَلِی مِنْ أَمْرِکِ شَیْئاً.
فَاغْتَمَّتْ خَدِیجَةُ لِذَلِکَ فَبَیْنَا هِیَ کَذَلِکَ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ سُمْرٍ طِوَالٍ کَأَنَّهُنَّ مِنْ نِسَاءِ بَنِی هَاشِمٍ فَفَزِعَتْ مِنْهُنَّ لَمَّا رَأَتْهُنَّ فَقَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: لَا تَحْزَنِی یَا خَدِیجَةُ فَأَرْسَلَنَا رَبُّکِ إِلَیْکِ وَ نَحْنُ أَخَوَاتُکِ أَنَا سَارَةُ وَ هَذِهِ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ وَ هِیَ رَفِیقَتُکِ فِی الْجَنَّةِ وَ هَذِهِ مَرْیَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَ هَذِهِ کُلْثُومُ أُخْتُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بَعَثَنَا اللَّهُ إِلَیْکِ لِنَلِیَ مِنْکِ مَا تَلِی النِّسَاءُ فَجَلَسَتْ وَاحِدَةٌ عَنْ یَمِینِهَا وَ أُخْرَى عَنْ یَسَارِهَا وَ الثَّالِثَةُ بَیْنَ یَدَیْهَا وَ الرَّابِعَةُ مِنْ خَلْفِهَا فَوَضَعَتْ خَدِیجَةُ فَاطِمَةَ طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً فَلَمَّا سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ أَشْرَقَ مِنْهَا النُّورُ حَتَّى دَخَلَ بُیُوتَاتِ مَکَّةَ وَ لَمْ یَبْقَ فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ لَا غَرْبِهَا مَوْضِعٌ إِلَّا أَشْرَقَ فِیهِ ذَلِکَ النُّورُ وَ دَخَلَ عَشْرٌ مِنَ الْحُورِ الْعِینِ کُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَهَا طَسْتٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَ إِبْرِیقٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَ فِی الْإِبْرِیقِ مَاءٌ مِنَ الْکَوْثَرِ فَتَنَاوَلَتْهَا الْمَرْأَةُ الَّتِی کَانَتْ بَیْنَ یَدَیْهَا فَغَسَلَتْهَا بِمَاءِ الْکَوْثَرِ وَ أَخْرَجَتْ خِرْقَتَیْنِ بَیْضَاوَیْنِ أَشَدَّ بَیَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَطْیَبَ رِیحاً مِنَ الْمِسْکِ وَ الْعَنْبَرِ فَلَفَّتْهَا بِوَاحِدَةٍ وَ قَنَّعَتْهَا بِالثَّانِیَةِ ثُمَّ اسْتَنْطَقَتْهَا فَنَطَقَتْ فَاطِمَةُ بِالشَّهَادَتَیْنِ وَ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ أَبِی رَسُولُ اللَّهِ سَیِّدُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَنَّ بَعْلِی سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِوَ وُلْدِی سَادَةُ الْأَسْبَاطِ ثُمَّ سَلَّمَتْ عَلَیْهِنَّ وَ سَمَّتْ کُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِاسْمِهَا وَ أَقْبَلْنَ یَضْحَکْنَ إِلَیْهَا وَ تَبَاشَرَتِ الْحُورُ الْعِینُ وَ بَشَّرَ أَهْلُ السَّمَاءِ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِوِلَادَةِ فَاطِمَةَ وَ حَدَثَ فِی السَّمَاءِ نُورٌ زَاهِرٌ لَمْ تَرَهُ الْمَلَائِکَةُ قَبْلَ ذَلِکَ وَ قَالَتِ النِّسْوَةُ: خُذِیهَا یَا خَدِیجَةُ طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً زَکِیَّةً مَیْمُونَةً بُورِکَ فِیهَا وَ فِی نَسْلِهَا فَتَنَاوَلَتْهَا فَرِحَةً مُسْتَبْشِرَةً وَ أَلْقَمَتْهَا ثَدْیَهَا فَدَرَّ عَلَیْهَا.
فَکَانَتْ فَاطِمَةُ تَنْمِی فِی الْیَوْمِ کَمَا یَنْمِی الصَّبِیُّ فِی الشَّهْرِ وَ تَنْمِی فِی الشَّهْرِ کَمَا یَنْمِی الصَّبِیُّ فِی السَّنَةِ».